في الآونة الأخيرة تغيرت ملامح مدينتي، فلم تعد بعض المناطق في جنوب جدة تشبه ما اعتدنا رؤيته. أصبحت رحلتي لزيارة الجمعية الأولى في القريات خلف مبنى التلفزيون سريعة سلسة خالية من أي عوائق مرورية. محيط الجمعية الذي كان يعجّ بالحياة والضوضاء أصبح هادئاً لا يتخلله أيّ إزعاج.
عندما بدأت عمليات الإزالة اضطررنا للعمل بجهودٍ مضاعفة لتوفير المساكن الملائمة لأسرنا الكريمة. لم تكن جميع الأسر تعي منافع الانتقال رغماً عن رغبتهم لمناطق سكنية أخرى.
وفي فترة تساقط الأمطار المتتالية الكثّيفة مؤخراً على مدينة جدة حمدنا الله كثيراً على هذه الإزالة. وأدركت جميع أسرنا أن الحكمة السّديدة لحكومتنا الرشيدة تضع سلامة المواطن دائماً في نصب أعينها ولذلك استقبلنا الكثير من رسائل الشكر التي عبّر فيها السكان المنتقلين عن فرحتهم للخروج من أحيائهم السابقة قبل قدوم السّيول التي لا قدر الله كانت ستدمرهم جميعاً.
وكنا ولله الحمد في الجمعية الأولى وبفضل الجهود المتفانية من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قد تمكنا من تسكين ١٨٥٧ (ألف و ثمانمائة وسبعة وخمسين) أسرة و تسهيل وصولهم للمدارس و مراكز التدريب حتى يتسنى لهم الحضور و استكمال دراستهم.
وهذا ليس بالغريب على الجمعية الأولى التي تقف دائماً في الأزمات لتمدّ يد العون وتلّبي النداء الإنساني. ففي أزمة كورونا قامت بتوصيل أكثر من ألف سلة غذائية كما قدّمت دورات تعليمية عن بعد للطلاب والطالبات.
ونظراً لعدم وجود الأجهزة لدى الجميع فقد حرصت الجمعية على توزيع أكثر من ستمائة جهاز لابتوب ليتمّكن الأبناء من استكمال دراستهم. كما كانت الأولى مركز أساسي لتوفير المساعدات أثناء سيول جدة في عام ٢٠٠٩.
وبفضل الدعم المتواصل من مملكتنا حكومةً وشعباً تكمل الأولى مسيرتها في العطاء لتبقى بحول الله دائماً أولى في تمكين الأسر وأطفالهم وتحقيق رسالتها.
نورا الجندي – عضو مجلس إدارة – الجمعية الأولى